رحلة الـــ 1000 نص مسرحي ... تبدأ بكاتب ضحكات الاطفال تستفز طفولته ليقتفى اثر العدم في المكتبة السرحية للاطفال
قصة خبرية - كتبها / عدي المختار
لم يدر في خلد رعد حميد 28 عاماً من محافظة ميسان ان في يوم من الايام سيشرع بشكل حقيقي وبروح مهتمه لكتابة نص مسرحي للاطفال وذلك نتيجة لولادة موهبيته الكتابية خلال الاربع سنوات الماضية وسط انعدم حقيقي للبيئة المشجعة للكتابة بهذا النوع المسرحي , وايضاً لاجتياح مسرح الكبار على الواقع المسرحي ومايمنحه هذا المسرح من نجومية نتيجة لمامتاح له من مسارح ومهرجانات ومشتغلين فيه واضواء فكان طريق كل من ولج عالم الكتابة حتى جاء يوم حضوره لمهرجان الحسيني الصغير الدولي لمسرح الطفل بدورته الرابعة ليشكل نعطافة مهمة في اهتمامه المستقبلي بالكتابة المسرحية.
كان الطريق من محافظة ميسان جنوب العراق الى محافظة كربلاء وسط البلاد مايقرب اربعة ساعت متواصلة الا ان ذلك لم يمنع رعد حميد من التأمل السؤال عن اي عروض ستقدم ؟ وهل ستكون اكثر سحراً عن مسرح الكبار؟ , وهي ذاتها لحظات التأمل التي مر بها ولكن هذه المرة بشعور مختلف فيفسر ذلك الشعور بقوله : وجهت لي ادارة مهرجان الحسيني الصغير الدولي لمسرح الطفل بدورته الرابعة الدعوة عن طريق صديقي الكاتب عدي لمختار لحضور المهرجان وكأي مهتم بالمسرح حضرت كي اطلع على هذا العالم الغريب من خلال مايقدم من عروض , كانت لحظات غريبة بالفعل واحساس اخاذ لم اشعر به منذ زمن سحيق من طفولتي التي تمنت ان ترى مثل كل هذا البهاء , سحرني الضوء وابهرتني الحوارات البسيطة المحكية واستمتهت بالطرح البسيط ذو الدلالات والعمق حتى شعرت للحظات عديدة خلال الخضور اني ابن الست سنوات ,ضحكت طويلا , وصفقت بحرارة وحزنت قليلا فكم تمنيت لو اني لازلت بعمر هذه الورود التي ضجت بهم القاعة لاعتليت المسرح ولعب وركضت مع الممثلين من حكاية لحكايا , عند كل انعطافة جميلة من الضحك اتأمل ضحكات الاطفال وهم يشاهدون بحيوية واستمتاع اخاذ ,وهذ بالضبط ما اثار الكثير من التساؤولات في مخيلتي لماذا لا يشاهد اطفالنا في المحافظات مثل هكذا عروض؟ اين اطفالنا من هذه المهرجانات؟ اي محرومية يعشها اطفالنا جمالياً ؟ , وعرفت حينها وتيقنت ان هذا العدم هو من جعلنا وجل اجيال كثيرة قبلنا وبعدنا تغادر طفولتها مبكراً لان مامن جمال يشيع في المكان وما من طفولة يهتم بها !! , وعندها فكرت ان امضي بلكتابة للاطفل الا اني اصطدمت بحقيقة اكثر ايلاماً .
ما ان عاد رعد حميد لمدينته حتى مضى يقتفي اثر الكتابة للاطفال واول مافكر به هو كيف يكتب ؟ وماذا سيكتب؟ , فقلب المكاتب العامة والخاصة ذات اليمين والشمال ولم يفلح في ايجاد مايريد , فتعب وجلس على طرف مقهى يدون بكتيب صغيرة هذه العبارات : لم يكن عالم الاطفال خاو عن مايقدم لهم فقط على الرغم من وجود نشاطات بسيطة هنا وهناك الا انها لاتسد ذلك الفراغ حتماً , بل اكتشفت ان ثمة خواء في لمكتبة الخاصة بالنصوص المسرحية للاطفال واليات الكتابة لهذه النصوص ايضاً , فأي خواء تعيشه مكتبة الاطفال ؟ كيف لم تلتفت المؤسسات الرسمية الخاصة بلاطفل لهذا الخواء ؟ لماذ اهمل المطبوع واهتم ببعض العروض ؟ كيف سيقرأ الجيل المقبل مسيرة النص المسرحي للاطفال وسط هذا الخواء الطباعي والتنظيري؟ , مضى على رعد حميد عامين وهو يفتش عن كل شاردة وواردة في هذا المضمار حتى ذات يوم وهو يقلب بموقع التواصل الاجتماعي (facebook ) حتى طالعه اعلان قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة وهو يعلن عن استمارة التسجيل بمشروع ( 1000 كاتب مسرحي للطفل) فلم تمضي الا ثوان حتى ملء كل معلومات التسجيل وانتظر يتابع مجريات المشروع بشغف ومن بين ماتابعه الاعلان عن لمشروع والاجتماعات والورش التي اقيمت للمنسيقين والمدربين وموعد انطلاق المشروع في كل المحافظات .
( من بلاد سومر مهد الحضارات والكتابة ،،، ينطلق مشروع 1000 كاتب مسرحي للطفل لإثراء وإغناء المكتبة المسرحية للأطفال ،، والذي يقيمه قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة وبالتعاون مع المؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية . تقام الورش التدريبية لهذا المشروع الوطني في عموم محافظاتنا الحبيبة وبإشراف وتدريب أكاديميين وأساتذة متخصصين ), كان هذا نص الاعلان عن المشروع عبر المنافذ الاعلامية المتنوعة حتى عقد المؤتمر التأسيسي له يوم 28/8/2018 على قاعة مجمع سيد الشهداء في كربلاء المقدسة بحضور عدد من المختصين واصحاب الشأن لانضاج خارطة الطريق للمشروع .
وقال محمد الحسناوي مدير قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة في لحظة نعقاد لمؤتمر التأسسي : يعد هذا المشروع رائد في العراق وقد سبقته عدة ورش فنية في ( الكتابة - التمثيل - الاخراج – السينوغرافيا), ووضعت الاستراتيجية العلمية لإنجاح المشروع ن خلال اقامة ورش فنية متخصصة لكتابة النصوص المسرحية للأطفال في كافة محافظات العراق عبر محاضرات سيلقيها مدربين مختصين وينسق لها منسقين من كل محافظتنا العزيزة يقدمون فيها محاضرات وورش تطبيقية ضمن منهج موحد, وان المشروع يستهدف كل من له رغبة او موهبة في الكتابة النصوص المسرحية للطفل وسيتم تصنيفهم وتنظيمهم في ورش خاصة بجداول ومواعيد يتم تحديدها لاحقا مع الجهات ذات العلاقة .
فيما قال عضو اللجنة الاستشارية الدكتور جبار خماط : ان خطة المشروع عشرية اي لعشرة سنوات قادمة لإعداد (1000) كاتب مسرحي للطفل متمكن من ادوات فن الكتابة والاعداد للنصوص المسرحية المكتوبة لهذه الفئة , وان المشروع ينقسم الى مرحلتين تبتدأ بورش في المحافظات عبر محاضرين مدربين بشكل علمي خلال ورش اقيمت لهم بهذا الصدد حضر فيها الاختصاصيين ( دكتور حسين علي هارف – الدكتور جبار خاط ) وسيترشح من ورش المحافظات المؤهلين والمتميزين من خلال مدربينهم لزجهم في ورش مركزية في كربلاء لانضاج تجربتم بشكل اكبر .
من جهته قال الدكتور حسين علي هارف عضو اللجنة الاستشارية ايضا : ان قسم رعاية الطفولة في العتبة الحسينية يسعى بشكل حقيقي الى ولادة 1000 كاتب مسرحي للطفل وعلى مدى عشرة سنوات وهذا يعني في كل سنة يتم اعداد 100 كاتب مسرحي من كافة محافظات العراق , حيث سيترشح من المرحلة الاولى خمس اشخاص من كل محافظة الى الورشة المركزية التي تقام في كربلاء المقدسة يشرف عليها مدربين اختصاص , وان السنوات العشرة القادمة ستشهد ولادة جيل متمرس في اعداد وكتابة النصوص المسرحية والقصص الادبية وهذا مانحتاجه لاغناء المكتبة المسرحية للاطفال بنصوص جديدة واحترافية .
من صلاح الدين وتحديدا مدينة بلد الصمود كان اعلان ساعة الصفر بانطلاق الورشة الاولى, ومن ثمة الفلوجة, والنجف, وميسان, وبابل, وواسط, وذي قار, والبصرة, وكربلاء, والسماوة, والديوانية, وبغداد, والموصل, وكردستان .
وذلك على مدى شهر وبواقع عشر ساعات وبيومين من كل اسبوع للورشة وانطلقت الرحلة بمدربين اختصاص وبمنهج نظري اعد مسبقاً من ادارة المشروع , قدمت فيه محاضرات نظرية وعملية وكتب خلال الورشة المتدربين نصين الاول من قصة موحدة والثاني من نسج الخال وانتهت رحلة السنة الاولى في المحافظات وترشح خمسة متدربين من كل محافظة ينتظرون دورهم للدخول في الورشة المركزية بكربلاء وتنتظرهم جوائز لافضل ثلاث نصوص فضلا عن طباعة البقية .
قدم رعد حميد نصه الى ادارة الورشة وهو وفي محياه ابتسامة الواثقين وحينما سأله مدرب الورشة ابتسامتك تدل على رحة بعد تعب لشهر كامل من الورشة ؟ ام لانك انجزت شيء يستحق القراءة والتقديم ؟ فقال : طيلة فترة الورشة رحت اطير في عالم متخيل جميل اسمه الطفولة الامر الذي اعادني طفلا صغيراُ يفكر ويتطلع مثلهم لذلك ابتسامتي هي ليس لاني كتبت النص اخيرا بل لاني بت يوماً استحضر طفولتي وانا في قمة التصالح معها لاني ساكتب للاطفال مافتقدته في طفولتي , فشكرا للحسين عليه السلام الذي احال دم عبد الله الرضيع حينما رماه للسماء الى مطر دائم يحل بالخير الوفير من العلم والايمان والفكر والامال التي لا تنتهي للاجيال القادمة بغد افضل .