أبجدية الأمير

أبجدية الأمير

إلى/القاص نجم الأميري

قصة قصيرة – عدي المختار

اطل بنظراته الحزينة عبر نافذة أمسه السعيد،انسابت على وجنتيه دمعة الإطلال الشاخصة التي بقيت من زمنه الملكي،اسند ظهره إلى الكرسي الذي بقي له من قصره الأميري،نظر إلى يمينه نحو الباب، مسح دمعته كي لا يرها احد، رمق مكتبة بنظرة تأمل، مكتبة الذي شهد عنفوان عهده لتلك المدينة الصغيرة التي تغفو على ذراع دجله .

مسك قلمه،كتب كنيته الملكية كالمعتاد، مزق الورقة لأنه تذكر بان الكنية قد انهارت، بدأ يبحث بين أدراج المكتب،....أعلى أرفف المكتب،....خزانته التي احتضنت ذكرياته،....متعلقاته،... يبحث بعنف،...يمزق،....يرمي،...تعب،....

اتكأ قليلا ليلتقط أنفاسه، ومن ثم واصل بحثه عن المجهول، شعر بدغدغة الوجع تسيطر على جبينه،ارتشف كأس الماء، نظر للكأس،  رمى الكأس عبر النافذة كي يتخلص منه ومن كل شيء يذكره بماضيه، عاود عملية البحث،دقت الساعة معلنة الثالثة بعد منتصف الليل، بدأ عدها التنازلي وبدأ هو يتحدى دقاتها، نفض الغبار عن خزانته، لاحت له صورة....، أعادت له بعض ذكرياته ..حينما كان أميرا على نفسه،،وأخيرا....وجد ما يريد، انه كتيب،كان انيسه وخليله ذات يوم، سطر عليه أحرف الماضي، حينما اكتشف نفسه لأول مره قبل أربعبن عاما،توسطه قلم تركه منذ زمن طويل،وجدهما في إحدى زويا الخزانة، محملين بغبار الزمن الآسن، لأنهما أبيا أن يكونا جزء من حاشية قلم صاحب السمو،ضمهما لصدره، ورمى بجسده على سريره الأميري،نظر لهما بتأمل، انساب لأذنيه  صوت ما بهمس . 

-  اكتب ... اكتب .. من جديد !!

تصفح الكتيب بذهول،ومسك القلم  بأصابعه الخمسة،مسح عنها الغبار، تحدى مع الورقة والقلم،... عن ماذا يكتب؟؟، تصفح الكتيب، صادفته عبارة خطها بيده  قبل أربعين عاما ...(ابحث عن نفسك أولا لتكن أميرا ).. صرخ في أعماقه فسرعان ما خرجت تلك الصرخة بصوت عال 

-  كيف .. كيف .. ابحث عن نفسي . ونصفي الأخر قد انهار؟؟؟

قالها وهو يتصفح الورقة الستين،كان عنوانها (كن أميرا على نصفك الأخر )، مسك الورقة والقلم،مثلما كان يمسكهما قبل أربعين عاما، شعر بأنه عاد  كأي محارب ليستريح،

انحنى وكتب قصته الجديدة، بدموع ستين محطة، أكمل ما يريد، اخترقت الخيوط الفضية المنبعثة من عنفوان الشمس إلى حيث مقدمة مكتبه، إلى عنوان قصته بالتحديد ..

في اليوم التالي تسرب للصحافة الأدبية خبر مفاده،...سيقرأ في أمسية اليوم... الأميري قصته الموسومة (نعيش ...نعيش ..ويحيا الوطن )............. 

 

ربيع 2002

تم عمل هذا الموقع بواسطة