رمال زاحفة

رمال زاحفة

أي عاصفة ترابية تلك ؟؟!!،تلوح من بعيد قادمة من عمق الصحراء تحفها أصوات مخيفة،...زحف  لرجال  لا ترى منهم  سوى  مسير الرؤوس والسواد،حتى يخيل لك بأنهم قطيع حشرات،.أو (دود فارسي) .. صحراء قاحلة، مسير طويل تحت حرارة الشمس اللاهية،،وثمة أقدام رجال متعبه، يقودهم رجل هرم، قوي النظرة،شديد البأس، قلبه لا يعرف الرحمة، ترجل عن فرسه،فيما كان البعض قد خر صريعا على الأرض بوجع وانين لقوى خارت وتهالكت من السير في صحراء الإحساء، أما هو فقد كان قويا كأنه،يزأر بصوته الجهوري الذي كان أشبه ما يكون بالرعد،وهو يخاطب الجميع.

عليكم أن تأخذوا قسطا من الراحة ... كي نواصل المسير والبحث عما نريد .

رجل يحمل من تعب السنين ستين دمعه وحزن وحسرة اودعه الزمن في محطة العبودية اقترب منه،تلعثم بالكلام خوفا من غضب القائد وهو يتوسل بالإشارات والتعابير.

لما........ لا..... نبيت الليلة هنا ....و.......نواصل المسير والبحث غدا ياسيدي؟.

نظرإليه ،نظرة غضب واستياء اخترقت خوف الرجل واستقرت بقلبه العجوز، و بصرخة رعب حمل على الرجل بضربة أسقطته على الأرض وصرخ بصوت عال ليسمع الجميع 

لا مكان للراحة بعد ... طريقنا طويل .. وراحتنا هو نيل ما نبتغي .. أفهمت يا....

مسح الرجل دمعته،وتعكز على الأرض  ليقف على قدميه مجددا،ويبدي السمع والطاعة للقائد وقال له 

أمرك أيها القائد ...واطرق برأسه نحو الأرض وهو يهمهم 

 لا راحة بعد اليوم ... لا راحة بعد اليوم..!!!!!!!!!!!!

جلس القائد يرتشف الماء،وهو يمسح فمه بيده اليسرى، جثى خلالها على ركبتيه،وبنهم بدأ ينهش جسد الشاة من كل مكان، أكمل طعامه بعدما تحول كل شيء رماد  ومسح فمه مجددا بيده اليسرى،ليعتلي جواده مجددا وينادي.

هيا ... واصلوا السير ....هيا .... هيا .

 بأجساد يجرها التعب والأنين سارت القافلة، وحينما جن الليل أمرهم بأن يحطوا برحالهم حيث هم، أشعلوا النيران والمواقد،فيما بقي هو يرقب السماء ونجومها التي كانت تلمع كأنها لؤلؤة  في محار، أدركه النعاس،ليبحر نحو الموت الليلي .....نام،.........ثم شخر، كلم نفسه وهو نائم،................................

 .........ثمة احدهم  كأي أفعى راح يتسحب بين الأجساد التي نال منها أنين التعب، دنى من القائد، تأكد إنه يغط في سبات عميق، مد يده على سيف القائد الذي كان بجانبه،وصوب السيف لصدره، ضربه،فصرخ بالموت،........ استيقظ مرعوبا يخنقه اللهاث من هول ما رأى في المنام،فأبقاه هذا الكابوس يقضا حتى الصباح .

في الصباح واصل مسيره، فلاحت من بعيد بشائر الوجود، أكواخ،مراع خضراء، ينابيع عذبه،استقبلهم أهل القرية بالفرح والترحاب،وحينما أرخى الليل سدوله، وعم الصمت أكواخ القرية، كان ثمة من راح يتسحب متخفيا، دخل كوخ سيد القبيلة الذي استسلم للنوم توا بعدما اطمئن على إن ضيوفه قد ناموا مكرمين معززين،،وضع يده على فمه استيقظ سيد القبيلة أحس بخنق أنفاسه والسيف على رقبته،أنسابت منه دمعة  الأسف،وأغمض جفن عينيه ألما وحسرة  .

في الصباح قدم قائد القافلة تعازيه للجميع،معلنا احتلال القرية ومخاطبا رجاله بصوته المعهود.

- ضعوا رحالكم ..واختاروا ما تشاؤون من الأرض ..وانصبوا فيها خيامكم ..أو... خذوا أكواخهم ..فقد حلت لكم الأرض ... وطاب لكم فيها العيش............

 

 

شتاء 2006

 

تم عمل هذا الموقع بواسطة