العاقبة
تأليف : عدي المختار
الشخوص
الفص الأول / المشهد الاول
المـنـظــــــر : ظــــلام
المـكان : منــطـقـة غيــر مـحـددة
ظلام تام ... تداخل اصوات غير مفهومة ..مع صوت لهاث طفل..تتعالى الاصوات اكثر يتداخل فيها اصوات سيوف وخيل وبكاء ومعها يتصعد لهاث الطفل ....
ينزل الكوفين بفوانيسهم يبحثون بين مدرجات الجمهور مع احداث بلبلة تتصاعد حتى يختفون جميعهم خلف لوحة يشكلون من خلالها لوحة ..مع تصاعد لهاث الطفل ..ظلام ..انارة بقعة ضوء على طفل جانب المسرح يفز من نومه يلهث حتى يخيل للجمهور ان كل ماراءه هو كان حلم عاشه الطفل ....
طفل 1 : ( يفز بخوف ولهاث ) هناك ......هناك ......ه..ن...ا...ك ....آه ....آه .....اي كابوس هذا ....اي كابوس هذا ...يعاود النوم مجدداً بخوف ....اظلام
المشهد الثاني
المنظر : متحف لوحات تاريخية ...
الوقت : بلا تعيين .
مجموعة طلاب تدخل تتجول بين لوحات المتحف ....طفل 1 يقف طويلا امام لوحة كبيرة هي اللوحة التي شكلتها المجاميع بالحلم ..يقترب منه رجل بهيئته رسام..
الرسام : اراك تطيل النظر الى هذه اللوحة ؟
طفل 1: هل انت من رسمتها يا عم ؟
الرسام : نعم ....رسمتها منذ وقت طويل ...واخذت مني زمن طويلا حتى اكملتها ..
طفل 1: عجيب !
الرسام : ومالعجب في الامر يابني ؟
طفل 2: كأن هذه اللوحة تتحرك .
طفل 3: إنك تتوهم فهذا خيال تتصوره
الرسام : مارأه هو حقيقة ...تجلت قبل الالف السنين وباتت اليوم لوحة تكتمل كل عام في ابهى صورها حينما يحين الموعد .
طفل4 : وهل نحن في موعد يا عم ؟
الرسام : موعد تتجلى فيه كل معاني الحب والصدق والانتماء هو لقاء العاشق الحسيني بالمعشوق الحسين عليه السلام .
الجميع : ومالعلاقة مابين ما راه وماتتحدث به .
الرسام : ان مارأه كان حقيقة وليس حلم
الجميع : كيف !
الرسام : هو لم يكن نائماً او يتخيل..هو رأى مالا نراه .
الاطفال : لم نفهم .
الرسام : مارأه كان حقيقة ان اردنا نحن ان نراها بصدق اما ان لم نرد ذلك فلن نراها او نشعر بها ...وهو اراد ان يرى ورأى .
الرسام : بماذا كنت تفكر
طفل 1: كنت اقرأ بكتاب اهدي لي بعيد ميلادي اسمه واقعة الطف..
الرسام : لذلك رأى كل شيء.
الاطفال : ونحن نريد ان نرى .
الرسام : وهل انتم جادون في الامر .
الاطفال : كل الجد يا عم .
الرسام : تأملوا هذه اللوحة فهي بوابة الطريق لرؤية كل شيء .
الاطفال يتأملون .
الأطفال : لم يحدث شيء
الرسام : هذه بوابة الزمن يمكنكم اختراق الزمن والإنتقال لتعرفوا كل شيء.. سوف يتوقف الزمن
الجميع : وكيف يكون ذلك ..
الرسام : فكروا فقط في توقف الزمن والإنتقال
طفل 2: ههههههههههه انك تمزح يا عم ههههههه اختراق للزمن هههههههههههههه ؟
طفل 3 : هههههههههههه الإنتقال الزمن ....كيف يكون ذلك هههههه تتوقف ساعتي ولا يتوقف الزمن هههههههههه ؟
طفل 4 : ههههههههههه تصادم ..اختراق ....توقف ههههههه كلامك يذكرني بمعلم الفيزياء الذي طالما يعنفنا لاننا لم نحفظ المعادلات الفيزيائية هههههههه
الرسام : ولم العجب ؟؟....لم الاستغراب ؟؟... ؟؟!!! ان كنتم لا تستوعبون مادة الفيزياء فعليكم ان تتوقفوا طويلاً امام ايات الله في درس الاسلامية ...
الجميع : نحفظ يومياً اية قرآنية ....فنحن مجتهدون ....
الرسام : نعم .....تحفظون ...وتجتهدون في الحفظ ...لكن بلا فهم ...او تأمل وتفكير بماجاء في آيات الله ....
الجميع : شكرا لك يا عم !
الرسام : عدم الفهم ..وعدم التأمل والتفكير ليس اساءة او تجاوز عليكم ... بل هي صفات يتمتع فيها الكثيرين لاسباب عديدة ربما اولها عدم الانتباه واخرها اخطاء يقع فيها من يدرسنا ....
الجميع : ( في حيرة من امرهم ) حجر !....بحر !...( يستدركون ) عن اي بحر وحجر تتحدث ؟
الرسام : التعلم في الصغر كالنقش على الحجر ... والتعلم في الكبر كالرسم على البحر .
الجميع : ( براحة وسرور) بعض كلامك حكم ..
الرسام : جاءت بالفهم والتأمل والتفكير ..
الجميع : اذن حدثنا ...
طفل 4: عن الإنتقال؟
طفل 2 : ...الاختراق؟
طفل 3 : ...توقف الزمن ؟.
طفل 1 : أريد أن أعرف وأفهم كل شيء ؟
الرسام : لو قرأنا القرآن جيداً لعرفنا ان قرآننا الكريم فيه الكثير من الايات التي تؤكد على السفر عبر الزمن ..او اختراق الزمن وتوقفه ... هل قرأتم ايات ربكم في أصحاب الكهف؟
الجميع : نعم قرأنا ..
الرسام : وايات عرش بلقيس..؟
الجميع : نعم .
الرسام : وايات الإسراء و المعراج؟
الجميع : نعم قرأنا ..
الرسام : اعرج بالرسول (ص) للسماء بسرعة البرق وعاد لفراشة الدافئ اي خلال لحظات معدودة .. هذا يعني ان الرسول ذهب في رحلة المعراج في لحظة توقف الزمن.
الجميع : وعرش بلقيس ؟
الرسام : جيء بعرش بلقيس في زمنٍ لم يتعدى طرفة عين !! جلب هذا العرش من اليمن الى الشام بسرعة هائلة أشبه بسرعة الضوء ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) .
الجميع : واصحاب الكهف ؟
الرسام : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) و( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا )و( فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) فهم ناموا في فجوة ثلاثمائة وتسعة عاما ً ... بينما هم ناموا يوما ً أو بعض يوم .... .
الجميع : ( في حيرة من امرهم ) وكيف ذلك ، زدنا يا عم !.
الرسام : قال الله تعالى ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ) ماذا تلاحظون ؟!! ان الله يتحدث عن يوم القيامة ..ولكن في صيغة الماضي !! فالزمن عندنا البشر هو ماض ومستقبل، أما بالنسبة لله تعالى هو خالق الزمن فلا وجود للماضي أو المستقبل ..( فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ) و( ثُمَ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا).
الطفل1: والذي رأيتهم في الحلم ؟
الجميع : وهؤلاء في اللوحة...من هم ؟
الرسام : انهم شهود الهواجس .
الجميع : شهود ؟
الرسام : نعم ...شهود الهواجس.
طفل 1: عن اي شهود تتحدث؟
طفل 2 : عن اي هواجس ؟
طفل 3 : من هؤلاء ؟
طفل 4 : وعن ماذا يبحثون ؟
الرسام أتريدون أن ترون الحقيقة كاملة ؟
الجميع : نعم ..
الرسام : التصادم والاختراق والسفر والتوقف معادلات كونية تعني الاستحضار ...والاستحضار غايتها العبرة...( يجمعهم وسط المسرح ) ..تعالوا نستحضر لنستخلص العبر.. تعالووووا من هنا (يمضي بهم لعمق المسرح حيث اللوحةحتى يختفون تماماً من خلال تقليل الإنارة)... اظــــــــــــــــــــــلام
الفصل الثاني / المشهد الاول
المنظر : لوحات كبيرة بيضاء حيث يشكل خلفها خيال الشخصيات التي تجسد واقعة الطف
يدخل الأطفال مع الرسام من عمق المسرح بإيقاع هارموني مع موسيقى خاصة
ثم تبدأ الحوارات بين الأطفال والرسام مع الحركات التي تبين واقعة الطف خلف اللوحات البيضاء مع صوت الإمام الحسين عليه السلام ومع كل حوار أو حركة من احدى اللوحات يتوجه الرسام والأطفال نحوها بحركة إيقاعية
صوت الامام الحسين ( ع) : سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى * إذا ما نـوى حـقاً وجـاهـد مسـلما.
الرسام : ها هو مولاي الحسين عليه السلام ...
طفل 1 : ولماذا يقول هكذا .
الرسام : إنه وداع الشامخون ـ إنه وداع الأتقياء ؟
طفل2 : : وداع ماذا .
الرسام : وداع هذه الدنيا الفانية ، بحرب سينتصر فيها إسمه ، وهدفه
طفل 3 : أي هدف يا مولاي تريد
الرسام : لم يخرج اشرا ولا بطرا بل خرج في طلب الاصلاح في دين جده ..خرج الحسين ومن معه من اجل تخليص الامة من حكم الظلم والفساد الذي ساد الأمة بسبب دولة بني امية ويزيدها الملعون .
طفل 4 : خرجوا وكل هيبة الكون في ركابهم ...الامال كانت تتسابق امامهم كالرمال...
يتحول المشهد بطريقة اخراجية فيتحول الجميع كانهم في الطف
طفل 1 : كنا جميعا في ركب عمي الحسين والعباس وعمتي زينب ...
طفل 3: كنا لا ننام ليس من تعب الطريق ..لا ..لا ...بل من فرط بهجتنا بهذه (اللمه) فالكل في ركب واحد الاهل والاحبة والانصار ..هل رايتم مشهدا اجمل من هذا المشهد .
طفل 4 : كانت كل ضحكاتنا وابتساماتنا هي مسير نحو الافق الممتد بعيداااااااااا...
طفل 1: كنا نتصور باننا في سفرة ما ...اه ااه اااا ه ااا ه ااا لو كان المشهد طويلا بطول اعمارنا لكنا قد عشنا زمنا جميلا .
طفل2: ( للرسام ) مالذي جعله يقصر فينتهي كل شيء مبكراً؟.
الرسام: بن الدعي قد ركز بين اثنتين.....السلة والذلة
الاطفال : ( بحزن ) وهيهات منا الذلة...
( تداخل صوت سيف ...مع حز راس وصوت بكاء الاطفال وصوت العقيلة (ع) واصوات حرب تتداخل جميعها مع كلام الطفلين وكانهم وسط ميدان الحرب من خلال حركاتهم ) تتصاعد تدريجياً حتى الضربة الاخيرة التي يجثو فيها الطفلين على ركبتيهم )
طفل 1 : انظر ...انظر ...خرج عمي العباس ...
طفل 2 : هااااااااي .... سيعود لنا بالماء فقد هدنا العطش .
طفل 3 : انظر ....انه يقاتلهم ...
طفل 4 : ما اشجعك ياعم ...اسرجت النهر قربة ..و
طفل 1 : ( مقاطعا ) اوف ...ياويلتاه ...سقط عمي من جواده ..
طفل 2 : وامصيبتاه ....قطعوا يديه وهو يقاتل ولم يعطهم قربته او رايته ...سقط واقفا كالشجعان .
طفل 3 : انظر ....برز عمي الحسين .... بقي منحني الظهر عند عمي العباس ..
طفل 4 : انكسر ظهر عمي الحسين ....
طفل 1 : انظر ...هناك ....برز عمي القاسم ...
طفل 2 : وهناااااااااااك ..برز عمي علي الاكبر ...
طفل 3 : انظر ....انظر لعبد الله تصور دم نحره ماء ..
طفل 4 : انظر هناك ....اخوينا محمد وعبد الله ...
الاطفال: كلهم سقطوا دون الحسين ...
طفل 1 : انظر..... برز عمنا الحسين ...ماجت الارض وهاجت بصولاته
طفل 2 : وقف الكون كله ...حينما سقط عمي الحسين ...
طفل 3: كيف يكون الشعور وانت ترى اهل بيتك بلا رؤس ..
طفل 4 : كيف يكون الشعور وانت ترى دعي يجثم على صدر عمك ويحزه من الوريد الى الوريد ...
طفل1 : ( بانكسار) عمتنا زينب كانت كفيلا جديد ...
طفل 2 : لقافلة سبي ....
طفل 3 : رفاق الدرب واللعب استشهد بعضهم وسبي الاخرون ..( يستدرك ) اما نحن ...( يصيح ) اهرررررررب .
طفل 4: اهررررررررررررب .
( يحاولان الهروب ويصطدمان بالرسام )
الرسام : لا تدعوهم يفعلون ذلك ؟
طفل 1 : كيف نمنعهم .
طفل 2 : كيف نوقفهم
طفل 3: لقد إنتهى كل شيء
طفل 4: علينا ان نسلم بانفسنا ونهرب
الرسام : لا لم ينتهي
الجميع: وكيف ؟.
الرسام : لا تهربوا من الموت وتقعوا في الموت
الجميع : ومالعمل ؟
الرسام : كونوا شهود جدد
الجميع : وكيف يكون ذلك ؟
الرسام :سيروا مع الاقدام التي تجسد الجميل كل يوم .
طفل 1: لم نفهم ؟
طفل 2: عن اي شهود تتحدث؟
طفل 3: واي عاقبة؟
طفل 4: واي جميل فيما رأيناه ...
طفل 1: دم وقتل وحرق خيام ..
طفل 2: رؤوس بلا اجساد
طفل 3: واجساد تدوسها حوافر الخيل ..
طفل 4 : فأين الجمال في هذا المشهد ؟
الرسام : كل هذا ...وقالت السيدة زينب ( ع) عنه ( لم ارى الا جميلا )
الجميع : جميلا !!
الرسام: نعم ...لم ترى الا جميلا ...
الجميع: اجساد بلا رؤوس ودم وحرق وسبي كل هذا جميلا !!اي جميلا هذا ياشيخ ...
الرسام: ( يشير لشاشة الداتاشو على عمق المسرح ) نعم ...رأت جميلا ...لانها تصادمت مع الزمن واوقفت الازمان باعلامها الحسيني كي تكون القضية حاضرة جيلا بعد جيل ومن ثم اخترقت الزمن المستقبل ......... فرأت هذه العاقبة بعد الاف السنين ( تظهر في الداتاشو منظر للزحف المليوني والطواف بين الحرمين وعتبة الامام الحسين ( ع) )....فلم ترى الا جميلا ...
تمت