رأي لابد منه حول مهرجان ديالى الحسيني الاول
بقلم - عدي المختار /عضو لجنة التحكيم
بدءاً لابد من الإشارة بمحبة واعتزاز للجهد الكبير الذي بذله القائمون على المهرجان كرعاة وإدارة تنظيمية ؛ ويتفق الجميع ان مجرد إقامة مهرجان بهذا الوقت وبمدينة مثل بعقوبة تلملم شتات أحزانها لتبتسم ابتسامة البرتقال هو انجاز ونجاح كبير ، فضلاً عن ان إقامة المهرجان بدعم رعاة تعددت اهتماماتهم وتوجهاتهم هو انجاز يحسب لهم كابناء مدينة يؤمنون بدور الفن في اعادة الحياة من جديد وهو ايضا شعور عالٍ بالمسؤولية لابد ان يتعلم منه كل المسؤولين في المحافظات لدعم الفن في مدنهم
التحكيم :
شرف لي ان يتم اختياري للجنة التحكيم الى جانب قامات ابداعية كبيرة كان كل عضو فيها يشعر بالمسؤولية الكبيرة في إنجاح الدورة الاولى عبر منح كل ذي حق حقه بعيداً عن المجاملات التي اعتدنا عليها في اغلب المهرجانات المحلية فكان النقاش والتشاور في اعلى درجاته من النضج والحرص والمهنية حتى حققت اللجنة ماكانت تطمح اليه في تحقيق العدالة بالنتائج .
لذا فأن الشعور بالفخر بعد انتهاء مهمة اللجنة كان العلامة البارزة في وجوه أعضاء لجنة التحكيم ورضا الفائز والخاسر معاً ، كنت مستمتعاً جداً بديمقراطية الدكتور اياد السلامي رئيس اللجنة وبجدية المبدع ماجد درندش ومسؤولية الدكتور مثال غازي وحرص المبدعة أميرة جواد أعضاء اللجنة التي والحمد الله نجحت في رسم صورة جديدة وعادلة للجان التحكيم .
العروض :
ان كل عمل قدم خلال المهرجان هو جهد إبداعي بحد ذاته وان تباينت العروض في نسب النجاح ، فلم يكن هناك ثمة عرض سيّء بل كانت هناك عروض اجتهدت وأخرى حاولت الاجتهاد والشكر لكل منهما موصول .
ولابد ان يعي كل المشتغلين في المسرح ان العرض ليس ميداناً للثرثرة ولا للغرائبية او التغريب او الكلمات المتقاطعة او الكلمات الرنانة او حتى التسطيح والمباشرة والشعاراتية بل العرض المسرحي حكاية وجدل وصراع وعمق نصي وإخراجي وصورة جمالية واداء حسي عالٍ للممثل ولغة سليمة قادرة على التواصل مع الاخر وبنية إخراجية تفجر النص مما يؤدي لتكامل كل العناصر التي تلد عرضاً مسرحيا يمد جسوره مابين النخبة والعامة على حدٍ سواء لايصال الرسالة المسرحية ، والا مافائدة العرض بلا رسالة ؟ او مافائدة العرض بلا عمق فكري وفلسفي يبحث في القضية الحسينية دون اقحام مقصود ؟ ومافائدة عرض بلا رؤية إخراجية تجريبية او اداء تمثيلي احترافي ؟ غياب كل هذا يفقد العرض عمقه ويلوذ به في تيه المباشرة والتسطيح .
كان لابد ان يجتهد كل من في العرض المسرحي مخرجاً وممثلين ومكملات عرض لإنتاج فرجة تمتاز بالتكامل الكلي على الرغم من تقديرنا لكل الظروف التي تحيط بكل عرض او بالإمكانيات الغائبة والمفترضة في كل العروض انتهاءاً بامكانيات قاعة العرض الا ان المتلقي يريد ان يرى عرضا يلهمه ولا تهمه كل الظروف التي تعتري صناع العروض ، فالعرض المسرحي بمحصلته النهائية هي من تهم المتلقي بغض النظر عن كل شيء ، وكل هذا انتج العروض التي كسبت السباق او من أخفقت في ذلك .
فلابد ان يسير العرض بكل عناصرة ( تأليفاً - إخراجاً - تمثيلاً - سينوغرافيا ) في خط متوازي أفقي واحد ليحقق بالدرجة الاساس رضا الجمهور ويقنع الحكام بمايقدم من عرض مسرحي يُؤْمِن به تماماً ، مع ايماننا بأن لا عصمة لاي عرض مسرحي فاكبر العروض المسرحية اليوم تعتريها هنة هنا وإخفاق هناك ومالجدل الذي يلي كل عرض عراقي سواء للهواة او المحترفين الا دليل عن اصطياد المتلقي والنقاد لهذه الإخفاقات والنجاحات معاً .
وعلى الرغم من كل ذلك فأن المهرجان شهد عروضا تكامل فيها كل شيء وأخرى بالعكس من ذلك تماماً الا ان جميعها لم يخرج من منطق الجهد الإبداعي سواء تعالى او تهاوى .
بقي ان نقول ان الخوض في غمار القضية الحسينية مسرحياً ليس سهلاً مستسهلا بل هو قمة العمق والرقي والاستفزاز الفكري والفلسفي وإضاءات لمواقف وجدل تجريبي غائب عن الوعي الجمعي للمتلقي ، وغياب هذا في الطرح المسرحي الحسيني هو من ينتج عروضا لا ترتقي بالإنجاز المرجو في كل منافسة ، مع ايماننا ان القضية اكبر من ان يختصرها عرض في الكون من فرط ايماننا بأن القضية اكبر من كل شيء .
مايهم في النهاية ان ثمة مهرجان أقيم بظروف صعبة ونجح في دورته الاولى في خلق بيئة تنافسية وجدل يفتح الآفاق للغد الآني لتحقيق عروض اكبر واكثر وعياً ومسؤولية .
اجمل مافي الامر ان مدير المهرجان صحفيّ وليس مسرحيا ومديره فنان مسرحي وهنا يمكن نجاح رجال المدينة في إنجاح المهرجان .